*As published in Ahvalnews on 12.11.2017
https://ahvalnews.com/tr/nurcanbaysal
عندما اضطرت الحكومة التركية إلى حماية القرى الكردية في جنوب شرقها في منتصف الثمانينيات من المتمردين المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني، قام الرئيس تورغوت أوزال آنذاك بتفعيل نظام “حراسة القرى” الذي أنشئ في عام 1985. فقد قام هذا النظام بتجنيد القرويين، معظمهم من الأكراد أنفسهم، للعمل كقوة شبه عسكرية لحماية قراهم ومساعدة الجيش التركي. وحافظت تركيا على النظام منذ ذلك الحين، على الرغم من معارضة كل من جماعات حقوق الإنسان وأعضاء البرلمان التركي.
ووصولاً إلى التسعينيات، وصل عدد حراس القرى إلى حوالي 90 ألف حارس. وعلى الرغم من تباطؤ هذه العملية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فترة سلمية نسبياً، إلا أنه منذ اندلاع نزاع جديد بين تركيا والأكراد في أغسطس 2015، تسارعت وتيرة توظيف “حارسي القرى” بشكل متزايد مرة أخرى.
ووصولاً إلى التسعينيات، وصل عدد حراس القرى إلى حوالي 90 ألف حارس. وعلى الرغم من تباطؤ هذه العملية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فترة سلمية نسبياً، إلا أنه منذ اندلاع نزاع جديد بين تركيا والأكراد في أغسطس 2015، تسارعت وتيرة توظيف “حارسي القرى” بشكل متزايد مرة أخرى.
وللأسف، لا توجدهناك أي بيانات دقيقة عن عدد المجندين في الوقت الحالي، حيث أن آخر تحديث لهذه البيانات وفقا للإدارة العامة لإدارات المحافظات كان منذ عام 2014. ووفقا لهذه الأرقام، بلغ عدد حراس القرى المؤقتين في عام 2014 حوالي 48 ألف مجند بالإضافة إلى 25 ألف حارس متطوع في 22 محافظة.
وفي ضوء تجدد الصراع بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، عقد رئيس الوزراء آنذاك داود أوغلو اجتماعاً مع ممثلي حراس القرى. وعقب الاجتماع، تناقلت وسائل الإعلام فيما بينها أنه سيتم تجنيد حراس قرى جدد وأن حراس القرى الحاليين سيحصلون على زيادة في مكافآتهم. وعقب مؤتمر داوود أوغلو مباشرة، عقدت السيدة الأولى إيمين أردوغان اجتماعاً آخراً مع حراس القرى من الإناث في القصر الرئاسي وتمنت لهن حظاً موفقاً في حربهن ضد الإرهاب.
وفي شتاء عام 2015، عندما انتشرت العمليات العسكرية التركية في المناطق الحضرية في الجنوب الشرقي، ظهر “حراس القرى” في المدن للمرة الأولى. وأفادت الصحف في يناير 2016 أن حراس القرى كانوا يقاتلون إلى جانب القوات العسكرية في ساحة ديار بكر. ووفقا للتقارير، استعانت الدولة بحراس القرى لتمشيط الشوارع التي لم تتمكن فرق الجيش الخاصة من الوصول إليها. وكثيرا ما أفادت وسائل الإعلام المحلية أن كل من “رجال الشرطة والجنود وحراس القرى” تعاونوا بشكل جيد في عملية مدينة “سور” بديار بكر. في الواقع، بدا أن حراس القرى بدأوا يستبدلون قوات الشرطة بشكل تدريجي في كثير من المدن الجنوبية الشرقية في هذه الفترة.
وفي شتاء عام 2015، عندما انتشرت العمليات العسكرية التركية في المناطق الحضرية في الجنوب الشرقي، ظهر “حراس القرى” في المدن للمرة الأولى. وأفادت الصحف في يناير 2016 أن حراس القرى كانوا يقاتلون إلى جانب القوات العسكرية في ساحة ديار بكر. ووفقا للتقارير، استعانت الدولة بحراس القرى لتمشيط الشوارع التي لم تتمكن فرق الجيش الخاصة من الوصول إليها. وكثيرا ما أفادت وسائل الإعلام المحلية أن كل من “رجال الشرطة والجنود وحراس القرى” تعاونوا بشكل جيد في عملية مدينة “سور” بديار بكر. في الواقع، بدا أن حراس القرى بدأوا يستبدلون قوات الشرطة بشكل تدريجي في كثير من المدن الجنوبية الشرقية في هذه الفترة.
وفي أبريل 2016، ظهر مفهوم جديد وهو: حراس المدن، الذي تم تطبيقه لأول مرة في محافظة هكاري التي أعلنت توظيف حوالي 224 حارس للعمل بجانب قوة الشرطة المحلية. ثم تبعتها بعد ذلك محافظات أخرى مثل شرناق، وديار بكر، وماردين، وشانلي أورفا.
وفي نهاية الأمر تم توظيف ما مجموعه 2394 حارس مدينة. وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو، بدأت بعض المدن التي تقع في غرب تركيا بتوظيف حراس مدن. وذكرت صحيفة “يني شفق” أنه بالإضافة إلى إعادة هيكلة قوات الشرطة والقوات المسلحة التركية وأجهزة الاستخبارات، فإن الحكومة تستعد لتوظيف المزيد من “حراس المدن” و “الحراس الليليين”. وذكرت الصحيفة أيضاً أنه سيتم توسيع مسؤوليات كلتا المجموعتين.
وفي مرسوم صدر في أكتوبر 2016، أقرت الدولة فيه بتوسيع سلطات حراس المدن، من خلال إمدادهم بأسلحة ومعدات ثقيلة، وأن الدولة ستضمن حصولهم على الحد الأدنى من الأجور كما ستضمن لهم أيضاً المشاركة في برنامج استحقاقات الضمان الاجتماعي.
وفي مرسوم صدر في أكتوبر 2016، أقرت الدولة فيه بتوسيع سلطات حراس المدن، من خلال إمدادهم بأسلحة ومعدات ثقيلة، وأن الدولة ستضمن حصولهم على الحد الأدنى من الأجور كما ستضمن لهم أيضاً المشاركة في برنامج استحقاقات الضمان الاجتماعي.
وفي عام 2017، أحالت الحكومة أكثر من 18 ألف حارس قرية إلى المعاش ممن تتراوح أعمارهم بين 45 و 50 عاماً، واستبدلتهم بحوالي 25 ألف حراس جدد ممن تتراوح أعمارهم ما بين 30 عاماً أو أقل وعملت على إعادة تصنيف رتبهم.
لم يتم توظيف هؤلاء الحراس الجدد فقط لحماية المدن والقرى، ولكن أيضاً لتدميرها. حيث ابتعد نظام حراسة القرى الذي تم إنشائه في الثمانينيات الآن تماماً عن هدفه الأصلي، وأصبح النظام الجديد يتسلح بأهداف سياسية ومالية على حد سواء.
وعادة لا تلجأ الدول إلى توظيف القوات شبه العسكرية هذه إلا عندما يكون هناك عجز في أعداد الجيوش والجنود. ويمكن أيضاً رؤية أمثلة على ذلك في العديد من الدول في جميع أنحاء العالم، من العراق حتى غواتيمالا. وحتى في تركيا أيضاً، تم استخدام “حراس القرى” لنفس الغرض.
لم يتم توظيف هؤلاء الحراس الجدد فقط لحماية المدن والقرى، ولكن أيضاً لتدميرها. حيث ابتعد نظام حراسة القرى الذي تم إنشائه في الثمانينيات الآن تماماً عن هدفه الأصلي، وأصبح النظام الجديد يتسلح بأهداف سياسية ومالية على حد سواء.
وعادة لا تلجأ الدول إلى توظيف القوات شبه العسكرية هذه إلا عندما يكون هناك عجز في أعداد الجيوش والجنود. ويمكن أيضاً رؤية أمثلة على ذلك في العديد من الدول في جميع أنحاء العالم، من العراق حتى غواتيمالا. وحتى في تركيا أيضاً، تم استخدام “حراس القرى” لنفس الغرض.
أما من حيث الجرائم التي كان يرتكبها هؤلاء الحراس، ففي الماضي كانت تحظى بتغطية واسعة من وسائل الإعلام المختلفة. ومنذ تاريخ إنشائها، وعدت العديد من الحكومات التركية بإحالة نظام الحراسة بالكامل إلى التقاعد قبل الانتخابات، لكنهم كانوا يقررون الإبقاء عليهم حتى بعد انتخابهم. وخير مثال على ذلك هي حكومة حزب العدالة والتنمية، التي لم تعمل على إزالة هذا النظام فقط، بل إنها تبني جيشاً كبيراً من الحراس للاستعداد لحرب جديدة.
غير أن التاريخ يعلمنا أن هذه الهياكل شبه العسكرية ليس من السهل التخلص منها على الإطلاق، حتى بعد انتهاء الحروب. لكنهم إذا تحولوا إلى مجموعة من الغوغائيين فإنهم بذلك لن يهاجموا أعدائهم فقط، ولكنهم سيهاجمون الأبرياء من المدنيين، بل وأحياناً ممن جندوهم من السياسيين.
غير أن التاريخ يعلمنا أن هذه الهياكل شبه العسكرية ليس من السهل التخلص منها على الإطلاق، حتى بعد انتهاء الحروب. لكنهم إذا تحولوا إلى مجموعة من الغوغائيين فإنهم بذلك لن يهاجموا أعدائهم فقط، ولكنهم سيهاجمون الأبرياء من المدنيين، بل وأحياناً ممن جندوهم من السياسيين.
Nurcan Baysal