التصنيفات
ahvalnews مقالات

لا اختبارات ولا أطباء ولا احتياطات في المدن الكردية التركية

تكتظ شوارع ديار بكر، أكبر مدينة ذات أغلبية كردية في تركيا، بالناس على الرغم من تفشي وباء كورونا. نصف المحلات مغلقة، لكن النصف الآخر لا يزال مفتوحًا. يدير المدينة مسؤول حكومي، مثل معظم المدن ذات الأغلبية الكردية في تركيا. تم حبس سلجوق ميزراكلي، عمدة ديار بكر المنتخب، ومعظم العمد الأكراد الآخرين بتهمة “دعم الجماعات الإرهابية”.

وخلال حالة الطوارئ التي أعقبت محاولة الانقلاب في عام 2016، تم إقالة 20 ألف عامل صحي تركي، من بينهم 3315 طبيباً، من وظائفهم بسبب اتهامات بوجود صلات إرهابية. الكثير من الذين فقدوا مصادر رزقهم كانوا من الأطباء والممرضات والعاملين في المجال الصحي من الأكراد.

وقبل بضعة أسابيع، تحدثت مع محمد شريف دمير، رئيس غرفة الطب في ديار بكر، والذي واجه أيضًا العديد من التهم بصلاته بجماعات إرهابية. قال لي إن هناك العديد من مرضى فيروس كورونا المشتبه بهم في ديار بكر، لكن المستشفيات ليست مجهزة لعمل الاختبارات. يتم إرسال الاختبارات إلى أنقرة للكشف عنها، ولكن هذا قد يستغرق أيامًا.

ولأن الدولة تحظر على الحكومات المحلية الإفصاح عن أرقام الإصابة في مناطق اختصاصها، لم يعطني عدد مرضى فيروس كورونا أو مزيد من المعلومات حول ما يحدث داخل المستشفيات. قال ببساطة “لا أستطيع”.

ومنذ عودة 23 ألف شخصاً من الحج، في الأيام الأولى من الوباء، انتشر الفيروس عبر المدن الكردية في تركيا. قررت الحكومة إغلاق حدود تركيا مع إيران والعراق في فبراير، لكن هذا جاء أيضًا بعد فوات الأوان، وبحلول ذلك الوقت كان العديد من المصابين قد انتقلوا من إيران، المنطقة الأكثر تضررا من الفيروس، إلى شرق تركيا وخارجها.

ثم اتصلت بصديقة تعمل طبيبة في مستشفى حكومي. وقالت إنها تخشى الذهاب إلى العمل، لأن الاحتياطات التي تم اتخاذها في المستشفيات كانت غير كافية، ولم يتم تزويد العاملين الصحيين بمعدات وقفازات واقية، مما جعل الأطباء غير قادرين على حماية أنفسهم من الفيروس.

تسبب إغلاق حضانات الأطفال دون توفير بدائل في مشكلة كبيرة أخرى للأشخاص الذين يضطرون للذهاب إلى العمل خلال الوباء، مثل الأطباء والممرضات والشرطة والعاملين في البلدية. وأخبرتني صديقتي الطبيبة أنه كان من الصعب عليها كل يوم إيجاد أحد يمكنه رعاية طفليها الصغيرين.

وفي وقت لاحق، اتصلت بطبيب آخر من فان، وهي مدينة كردية تقع على الحدود مع إيران، طلب مني عدم نشر اسمه. وقال إنه كان من الصعب السيطرة على الحدود مع إيران واللاجئين الذين يحاولون إيجاد طريق عبره. كان عدد مرضى فيروس كورونا في مستشفيات فان مرتفعًا، لكنه قال أيضًا إنه لا يستطيع إعطاء أي أرقام.

وبعد انهيار عملية السلام بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني المحظور في يوليو 2015، اندلع القتال مرة أخرى في العديد من المحافظات الكردية، وهذه المرة في المراكز الحضرية. تم هدم العديد من المدن الكردية خلال حظر التجول العسكري والاشتباكات المسلحة، مما أدى إلى تشريد الملايين من الناس.

تم تعيين نواب من الدولة ليحلوا محل رؤساء البلديات المنتخبين في العشرات من البلديات الموالية للأكراد. تم إغلاق جميع وسائل الإعلام الكردية تقريبًا – حتى قناة الأطفال الأكراد. وأغلقت الحكومة منظمات المجتمع المدني الكردية بزعم دعمها للجماعات الإرهابية. تم فصل آلاف المعلمين والأطباء الأكراد من وظائفهم في المنطقة. تم سجن أكثر من 10 آلاف عضو وبرلماني وحتى الرؤساء المشاركين لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.

قامت الحكومة بإغلاق المراكز النسائية والمراكز الثقافية وبنوك الطعام ومراكز الفن الكردية وجمعيات اللغة الكردية والعديد من المؤسسات الأخرى. حتى بعض أندية كرة القدم الكردية تم إغلاقها. واليوم، لا توجد منظمة قوية أو زعيم قوي يمكن أن يخاطب المكونات الكردية في وقت الأزمات مثل أزمة الفيروس التي نمر بها في الوقت الحالي.

وفي السنوات الخمس الماضية، شنت الدولة حربًا ضد اللغة الكردية. تم إلغاء دورات تعليم اللغة الكردية وإغلاق أقسام اللغة الكردية وإلغاء الدروس الكردية. تمت إزالة الأسماء الكردية من الحدائق العامة والشوارع وكل ركن من مدننا. تم تدمير الرموز الثقافية واللغوية الكردية. تم تحويل جميع اللوحات الإعلانية العامة إلى التركية.

وبعد انتشار جائحة كورونا، أطلقْت حملة تضامن مع الأحياء الفقيرة في مدينتي. وأثناء توزيع عبوات الطعام في مقاطعتي صور وبعلر، رأيت العديد من اللوحات الإعلانية العامة التي تقدم معلومات حول تدابير فيروس كورونا. لكن كلها مكتوبة باللغة التركية.

ما يقرب من 70 بالمئة من سكان المناطق يتحدثون اللغة الكردية، والكثير منهم لا يعرفون التركية، لذلك ليس لديهم أي فكرة عما تخبرهم به لوحات الإعلانات العامة هذه عن الاحتياطات التي يتعين عليهم اتخاذها ضد الوباء.

واليوم، لا توجد اختبارات كافية، ولا يوجد ما يكفي من الأطباء، ولا مجتمع مدني، ولا رؤساء بلديات، ولا توجد إجراءات كافية لمعالجة فيروس كورونا في المدن الكردية.

 

يمكن قراءة المقال باللغة الإنكليزية أيضا: