التصنيفات
مقالات

صناديق الاقتراع في المدن الكردية تحت نيران أردوغان

أعلن المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا الأسبوع الماضي إنه سيتم نقل صناديق اقتراع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 يونيو الجاري من بعض المدن الكردية، وتصب هذه الخطوة في صالح حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحاكم وتقوض التصويت لصالح المعارضة المؤيدة للأكراد.
وبالنسبة لأردوغان، فإن من الضروري الفوز في هذه الانتخابات، حيث ستنتهج تركيا بعد هذه الانتخابات نظامًا رئاسيًا في الحكومة، وسيتم إلغاء منصب رئيس الوزراء وسيفقد البرلمان الكثير من سلطاته الرقابية.
ويمكن أن تكون أصوات الأقلية الكردية الكبيرة في تركيا حاسمة لأنه في حالة فشل الحزب المؤيد للأكراد في الفوز بأقل من نسبة عشرة بالمئة من أصوات الناخبين وهي الحد الأدنى الذي يحتاج إليه لدخول البرلمان، فإن أغلبية المقاعد في جنوب شرق البلاد ذي الأغلبية الكردية ستذهب بدلًا من ذلك إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي عادة ما يحل في المرتبة الثانية في هذه المنطقة التي تعاني من الاضطراب.
ونتيجة لقرار المجلس الأعلى للانتخابات بنقل صناديق الاقتراع إلى ما يقول إنها أماكن أكثر أمنًا، فإن قرابة 170 ألف ناخب سيضطرون إلى السفر إلى مراكز الاقتراع التي ستكون في أماكن بعيدة للإدلاء بأصواتهم.

وهذا يعني أن مئات المدن والبلدات التي ستفقد صناديق الاقتراع غير آمنة، وعلى الرغم من ذلك، فإن العديد من الأحداث التي استخدمت لتبرير نقل صناديق الاقتراع وقعت في عقد التسعينيات من القرن الماضي.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه عند النظر عن كثب إلى الأماكن التي ستُنقل منها صناديق الاقتراع فإنها ستكون مناطق حصل فيها حزب الشعوب الديمقراطي المعارض المؤيد للأكراد على نتائج مرتفعة في الانتخابات السابقة.
وقالت وكالة أنباء الفرات إنه على سبيل المثال فإن 143 صندوق اقتراع مخصص لعدد 6706 ناخبين سيتم نقلها من مدينة ماردين جنوب شرق البلاد حيث فاز حزب الشعب الديمقراطي بنسبة 73 بالمئة من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر يونيو من عام 2015.

وقال ياديشن كارابولاك الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي في مدينة وان إن 224 صندوق اقتراع في وان سيتم نقلهم، مما سيؤثر على 50 ألف ناخب. وسيتم نقل بعض صناديق الاقتراع إلى أماكن بعيدة في المسافة:

فسيتم نقل 27 صندوق اقتراع إلى مقاطعة جوربينار على مسافة أربعين كيلومترا. وفي الانتخابات الأخيرة، حصل حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة 85 بالمئة من أصوات الناخبين في مراكز الاقتراع هذه.
وكان حزب الشعوب الديمقراطي في مقاطعات هاني، وقولب، وليجه في إقليم ديار بكر قد فاز بنسبة تجاوزت 90 في المئة من أصوات الناخبين. وسيتم نقل صناديق الاقتراع من هذه المقاطعات.
وفي حالات كثيرة، سيتم نقل صناديق الاقتراع إلى أماكن صوتت بكثافة لصالح حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان. فعلى سبيل المثال، ففي مدينة موش، التي سيتم نقل صناديق الاقتراع إليها من مقاطعة سولوكا، حيث يوجد 252 ناخبًا صوتوا بنسبة 94 بالمئة لصالح حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة، إلى مقاطعة أربايازي، حيث فاز حزب العدالة والتنمية بنسبة 75 بالمئة من إجمالي الأصوات.

وسيتم نقل صناديق الاقتراع من 19 مدينة حل فيها حزب الشعوب الديمقراطي إما في المركز الأول أو في المركز الثاني في الانتخابات.
وتُزيد عدم قدرة حزب الشعوب الديمقراطي على الحصول على الحد الأدنى البالغ نسبته 10 بالمئة للدخول إلى البرلمان، واحتمال استفادة أردوغان من أي خسائر لحزب الشعوب الديمقراطي من أهمية تأمين الانتخابات وتتطلب من المعارضة أن تعمل بجد لمواجهة المخاوف المتعلقة بصناديق الاقتراع.

وتعد قدرة الناخبين على الإدلاء بأصواتهم في جنوب شرق البلاد مشكلة مستمرة. وفي تسعينيات القرن المنصرم كانت قوات الأمن والمليشيات الكردية المؤيدة للحكومة تضغط على الناخبين عن طريق حراسة مراكز الاقتراع وخاصة في المناطق الريفية.

ومن خلال عملي في المناطق الريفية لسنوات عديدة، فقد شاهدت شخصيا قوات الأمن وهي تضغط على المدنيين من أجل تحقيق نتائج انتخابية معينة. وبالإضافة إلى هذه الضغوطات، فإن نقل صناديق الاقتراع في الإقليم ستضر بشدة تأمين الأصوات في المناطق الريفية.
وستتجاوز الضغوط الانتخابية صناديق الاقتراع. فأفراد الشرطة يقومون بزيارة المقار الانتخابية لحزب الشعوب الديمقراطي بصورة يومية ويطلبون تحريات عن الهوية.

وخلال الأسبوع الماضي، اعتُقل ستة من العاملين في الحملة الانتخابية لحزب الشعوب الديمقراطي في اقليم ديار بكر. وقد أصبح الناخبون والعاملون في الحملات الانتخابية على السواء أهدافًا للضغط الانتخابي.
وأعلن حزب الشعوب الديمقراطي عن اتخاذ تدابير لمواجهة نقل صناديق الاقتراع. وخلال زيارته لديار بكر، قال سيزاي تيميلي الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي إنه تم تكليف آلاف المسؤولين للتعامل مع نقل وتأمين صناديق الاقتراع. وأفادت مصادر بالحزب أنهم يقومون بترتيب حافلات لنقل القرويين إلى مواقع التصويت الجديدة.
وسيتطلب هذا الأمر حوالي ثلاثة آلاف حافلة لنقل 170 ألف ناخب. ولا يستطيع حزب الشعوب الديمقراطي تحمل هذا العبء بمفرده. وينبغي على أحزاب المعارضة الأخرى ومن بينها حزب الشعب الجمهوري دعم هذه الجهود.

وانضمت منظمات مثل رابطة حقوق الإنسان إلى الجهود المبذولة في ديار بكر وذلك لضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، كما اتخذت خطوات لحشد المحامين وتدريب المراقبين.
وعلى الرغم من ذلك، فمن الضروري تذكر قوة الحزب المنافس الذي يسيطر على قوات الأمن ومرافق المدينة. ويجب أن يتحمل كل فرد مسؤولية التغلب على عدم المساواة في مثل هذه الظروف، ومن الواجب على كل فرد التأكد من أن الناخبين يمكنهم الوصول إلى صناديق الاقتراع.

ويقع على عاتق المعارضة أعمالٌ يجب أن تقوم بها هي الأخرى. وستحدد حماية تصويت حزب الشعوب الديمقراطي وضمان أنه يمكن أن يتخطى الحد الأدنى الانتخابي مستقبل تركيا.
واسمحوا لي للحظة أن أخاطب دول الاتحاد الأوروبي ومنظمات مراقبة الانتخابات التي ستقوم بإرسال مراقبين إلى تركيا. إن الانتخابات ستحدد مصير تركيا. فارفعوا عدد المراقبين قدر استطاعتكم وأرسلوا أكبر عدد تستطيعون إرساله من مسؤوليكم إلى المدن الكردية والمناطق الريفية. فإن سلامة صناديق الاقتراع في الإقليم معرضة لخطر بالغ.