التصنيفات
مقالات

“حرّاس القرى” كيان أردوغان الموازي للفتك بالأكراد

لعبت ميليشيا حراس القرى التركية دورا مهما في مساعدة الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه على الفوز في انتخابات الشهر الماضي.
وحراس القرى ميليشيا يجندها أكراد موالون للحكومة لمساعدة قوات الأمن في محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني. وكان أحد الدلائل على أن المجموعة شبه العسكرية ستلعب دورا محوريا هو قرار المجلس الأعلى للانتخابات بنقل الآلاف من صناديق الاقتراع إلى “قرى الحراس”، وهي أماكن إما يسيطر عليها الحراس أو تُفرز مسلحين ينتمون لهذه الميليشيا.
وقاد أكثر من ثلاثة عقود من الصراع بين قوات الأمن الحكومية وحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية إلى مساجلات مريرة على الجانبين. وكان من شأن وضع صناديق الاقتراع في قرى يسيطر عليها الحراس أن أدى على الأرجح الكثير من منع مؤيدي المعارضة عن التصويت.
في يوم الانتخابات، في الرابع والعشرين من يونيو، كانت هناك تقارير عن أن الحراس أغلقوا الطرق المؤدية إلى قراهم ودخلوا مراكز الاقتراع بأسلحتهم وهددوا بقتل مراقبي الانتخابات التابعين لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد.
وبعد الانتخابات، في السادس والعشرين من يونيو، قال رئيس اتحاد حراس قرى الأناضول وأسر الشهداء ضياء سوزن إن حراس القرى وأسر الشهداء والمحاربين القدامى عملوا جاهدين ولعبوا دورا مهما في النصر الذي حققته الحكومة في المنطقة.
تأسست ميليشيا حراس القرى عام 1985 وكانت توصف في البداية بأنها مجموعة من “حراس البلاد أو الغابات. مدنيون يساعدون قوات الأمن في الريف”. لكن خلال وقت قصير جرت الاستعانة بهم لمساعدة القوات المسلحة على محاربة حزب العمال الكردستاني في الجبال بالاستفادة من معرفتهم بطبيعة الأماكن التي يتواجدون فيها. وزادت مخالفات الحراس مع لجوء الكثيرين منهم للقوة لتصفية حسابات داخلية.
وبعد انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر عامين ونصف العام بين الدولة وحزب العمال الكردستاني في يوليو 2015، أجرت الحكومة تعديلات جوهرية في تكوين حراس القرى.
أما حزب أردوغان الذي وعد بإلغاء حراس القرى قبل 16 عاما، فقد زاد التجنيد في الميليشيا وعزز ارتباطها بالجيش من خلال تغييرات هيكلية في التنظيم.
وجرى تغيير الاسم ليصبح “حراس الأمن” وتخفيض سن التقاعد ليصبح 45 عاما في محاولة لاستبدال حراس شباب بالمقاتلين الأكبر سنا. وتقاعد أكثر من 18 ألف عنصر من حراس القرى ليتم تعيين 21 ألف حارس شاب بدلا منهم، وبالتالي انخفض متوسط أعمار الأعضاء إلى 32 عاما من 44. وتولت القيادة العامة لقوات الدرك مهمة إمداد الحراس بالملابس والدروع والمعدات.
وحصل الحراس على بدلات يومية ومكافآت وأجر عن المشاركة في العمليات، فضلا عن التصريح لهم بحمل السلاح خارج أوقات الخدمة. وأصدرت وزارة الداخلية بطاقات هوية جديدة عالية التأمين للحراس ووزعت أكثر من ألف و500 هاتف محمول عليهم. وجرى ربط مرتباتهم بأجور موظفي العموم.
وتُظهر رحلة قصيرة إلى المنطقة نتائج هذه القرارات؛ فليس الزي هو الشيء الوحيد الذي تغير، ولكن أيضا صارت نقاط ارتكاز الحراس على أعلى مستوى.
بيد أن أحد التغييرات الأكثر أهمية هو تأكيد الدولة على الحماية من الملاحقة القضائية عن ارتكاب مخالفات جنائية. وفي حالة وجود شكوى جنائية ضد أحد أفراد الميليشيا، يدفع مكتب حاكم المحافظة الرسوم القانونية.
وفتح القانون الجديد الباب أمام حراس القرى للالتحاق بالقوات المسلحة أو حتى الارتقاء إلى رتبة ضابط. وقد تحول التنظيم الجديد الذي تأسس في العامين الأخيرين إلى وحدة شبه عسكرية كردية موالية للحكومة. والآن، يقاتل الحراس الجدد إلى جانب الجيش التركي في المدن، بل وحتى عبر الحدود مع سوريا والعراق. وتعتمد قوة هذه الرابطة على “الرغبة في حماية الدولة” كما قال وزير الداخلية سليمان صويلو في إحدى كلماته. وهذا يعني بعبارة أخرى استعدادهم للتخلي عن هويتهم الكردية.