يقولون “إنهم ليسوا موجودين”؛ ونحن نقول “إننا موجودون”.
في طريقي للتصويت في الانتخابات المحلية بديار بكر، أكبر مدينة في جنوب شرقي تركيا ذي الأغلبية الكردية، ظللت أفكر في هذه الجملة؛ واعتقد أن الكثير من الأكراد لديهم المشاعر ذاتها. فنحن، وعلى الرغم من كل شيء، تحملنا الدمار الذي لحق بمدننا، وسجن آلاف الأشخاص، واستبدال المسؤولين المنتخبين ليحل محلهم مسؤولون معينون مركزياً، والتهديدات بتكرار الأمر ذاته بعد الانتخابات. لقد صوتنا في الانتخابات بالأمس لنعلن أننا هنا، بغض النظر عن النتائج.
مع ظهور النتائج، صار بيتنا مفعماً بالحيوية. فقد تسللت أصوات الاحتفالات في الخارج إلى جنبات بيتنا، وأمضينا ليلتنا نترقب لحظة إعلان النتائج النهائية للانتخابات التي جرت فيها المنافسة على منصب عمدة إسطنبول.
وبغض النظر عن أي أقاويل، فإن استراتيجية الانتخابات التي انتهجها حزب الشعوب الديمقراطي تبدو قد أثمرت. فبالإضافة إلى الهزيمة التي مُني بها جميع المسؤولين المعينين من قبل حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان لحكم المناطق الكردية في الشرق، فإن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد لعب أيضاً دوراً في الخسائر التي مُني بها حزب العدالة والتنمية في غربي البلاد؟ وكان لصلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي والمسجون حالياً، أثر كبير بدعوته جمهور الناخبين للمشاركة في الانتخابات. وقال دميرطاش “إذا كان لديكم أي اعتبار لأمنياتي، فما أطالبكم به هو أن تجعلوا قلوبكم تتخلى عن مشاعرها الرقيقة إذا لزم الأمر، لكنني أرجوكم أن تذهبوا لتدلوا بأصواتكم”. وتُظهر النتائج من جديد أن الناس لديهم اعتبار قوي تجاه دميرطاش.
دخل حزب الشعوب الديمقراطي الانتخابات تحت ضغط الاعتقالات اليومية، واستمرار الهدم بشكل مطرد، واستهداف الحكومة له. وقبل يوم واحد من الانتخابات، أُلقي القبض على عدد من زعماء حزب الشعوب الديمقراطي. وبالنسبة لحزب دخل الانتخابات في ظل هذه الظروف، فإن النتائج إنجاز كبير.
كان من بين الأمور محل النقاش مساء يوم الانتخابات مسألة كيفية فوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 62 بالمئة من الأصوات، وهي نسبة تعادل تقريباً مثلي النسبة التي حصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي – والتي بلغت 34 بالمئة – في مدينة شرناق جنوب شرقي البلاد. وأود هنا أن أطرح ملاحظاتي بشأن شرناق، وهي مدينة أزورها من آن لآخر. يجب أن أقر بأنه، على الرغم من أنني لم أتوقع مثل هذا الهامش الكبير، فإنني توقعت أن يفوز حزب العدالة والتنمية بالسيطرة على البلدية هناك.
